٢‏/٧‏/٢٠٠٨

الولدان السيس المخلدون (20) : "حياة أخرى"

"البحث عن خيانة"
......................................
كتبت (لو فقدت الوعي في الشارع فاتركني مُلقَّى حتى أفيق أو أموت.. وإلا لاتهمتك بسرقة أعضائي) على ورقة صغيرة ..
وضعتها في جيب القميص .. ارتديت عليه الجاكت .. فتحت باب المنزل ..
وضعت المفتاح في الكالون الخارجي .. اختصاراً للوقت , حتى يصعد الأسانسير الذي استدعيته بالضغط على زر قرب باب الشقة من الداخل ..
خطيت نحو عتبة الباب جاذبه خلفي من أكرته ..
تسقط ميدالية المفاتيح الثقيلة أرضا نتيجة الدفع القوي .. وينغلق الباب..
المفتاح في الداخل..أنا في الخارج..الباب مغلق..
رغم عدم ثقتي في هذا المفتاح إلا أنه خانني!
.................
"إن أسوأ أنواع الخيانة تأتيك ممن\مما لا توليهم\توليها ثقتك"
.................
قد تسألني ببلاهة: فلماذا تتعامل معها\معهم إذاً؟
لأني مضطر يا أحمق!
أنا في حاجة للمرور على هذا الشارع حيث رغبتي ..
أمر حيث لا أثق في من/ما يسير خلفي لكن عدم ثقتي فيه لا تمنعه من طعني/عضي !
...................
"عزيزي السائر خلفي من فضلك لا تطعنني/تعضني , لأني لا أثق بك"
ابتعت جرائدي المفضلة وذهبت بها للمقهى لكي احتسيها أثناء قراءة القهوة !
*******
انتهيت من احتساء مشروب القهوة المخففة (كافي مكس) الذي أدمنته , الفترة الأخيرة ..
ووضعته في قائمتي , كمشروبي المفضل الثاني .. بعد الماء , ليزيح الزبادو بالفراولة للمركز الثالث .. واعتقد أن "الزبادو" سيهبط معي لأقل من ذلك ..
بسبب الزهق ..
مرت فترة قصيرة منذ محاولتي للانتحار بعد مقتل سيسي ..
وفترة طويلة منذ أن تركت وظيفتي كمهندس إلكترونيات ساذج ..
أشعلت سجارة , وعدلت وضع المنفضة .. لاعناً من وضع فيها منديلاً , لقى مصرعه بمخاط أحدهم ..
أخذت أتابع فيلم "البوسطجي" , ذلك الذي يستحيل أن يُعرض دون أن أشاهده .. لِما يشعرني بتوحد مع "شكري سرحان" ..
تارة كوحدة , واكتئاب , لعدم القدرة على اتخاذ مسامر/ة في تلك القرية ..
وتارة كحب فضول يغنيه عن عناء الحكي مع هؤلاء الهمج ..
طالما لن تقدر على مصادقة الهمج , فلتراقبهم إذاً ..
.....................................
أنا جالس في انتظار مصيبة ..
سأحزن لو حدثت.. وسأحزن لو فشل توقعي ..
قد تفهم هذا الشعور ..
صاحبك ذو المحمول المغلق دوماً .. الذي تأخر عن ميعاده معك .. ستهاتفه على هاتف المنزل .. تتمنى ألا يرد .. لتطمئن نفسك "أنه في الطريق" .. لكن شعور أن تهاتف دون أن يجيبك إلا صوت الرنين الرتيب الممل .. سخيف للغاية
أنت تفهمني الآن!
*******
كان المقهى فاخرا .. فلم أندهش من وجود تلك السيدة الفاتنة , عارية معظم النهدين مع كتفين مُنمّشين .
لكني اندهشت لأنها لم تحش عينيها من علي .. فنهضت حاملاً فنجاني وجرائدي وجلست قبالها ..
أقرأ في الجريدة وكأني أفعل هذا أمام أمي في الصالة وهي تُخرط الملوخية ..
*******
سمعت زناً ..
لمحت في الكوب الزجاجي ذبابتين تتصارع على البقاء وسط باقي السائل ..
لا أدري لمَ فعلت هذا ..
تناولت الكوب بيدي , وصببته في المنفضة , لأجعل السائل يتحد مع المخاط القذر , وتبقى الذبابتان ملتصقتان في الكوب ..
أحدهما كبيرة , والأخرى كأنها مولودة للتو ..
الأب يأخذ الابن , ليعلمه كيف يسير في دنيا الله , فيغرقا سوياً!
الذبابة الكبرى أخذت تهز أجنحتها حتى طارت ..
بينما الصغرى لم تبدِ أية حركة ..
كأنها ماتت ..
*******
سألتني: أأنت مجنون؟!
أجبت بالنفي , وواصلت القراءة ..
مرت نصف دقيقة , لم أشعر خلالها أنها تكاد تخترق الجريدة بعينيها لأني كنت في حالة ثقة بالنفس .. ينقصها أن أحس بالبشر!
ليس هناك إلا شهواتي.
قلت: أنا شقتي قريبة جداً.
بعد ربع ساعة كنت أنزل بها من منزلي بعدما تذكرت أن المفتاح ليس معي!
*********
أخذتها بالكوب , وذهبت للمطبخ ..
كيف سأحييها؟؟؟؟
وضعتها على الموقد الذي كان مشتعلا منذ فترة , ولا يزال به بعض السخونة , عل هذا يجفف الماء الذي سد عليها التنفس ..
وقتها تذكرت أني أنقذتهما لأني لا أعرف السباحة ..
أخاف الغرق ..
كدت لم أكن موجود لأكتب هذا الكلام لولا وجود الآخرين ..
لكن كلما أنقذني أحدهم , شعرت بالعجز .. لأني طالما دربت نفسي على عدم الحاجة للآخرين ..
وكأن أحدهم أنقذني بذراعه ليقتلني بعجزي ..
الغريب أني تدربت على السباحة جيداً ..
كنت أسبح في المتر دون أن ألمس بقدمي الأرض ..
لكن عندما أغطس في الــ 3 متر (فما أكثر) .. أشعر بعدم الآمان ..
فأغرق.
أخبرني شخص ما أن هذا دليل على إيماني الذي تخلصت منه ..
لكني لم أهتم ..
ولم تستجب الذبابة الصغرى للحرارة ..
********
سألتني : هل تراني دميمة لتتلاعب بي هكذا؟
أجبت بنعم!
فطلبت مني أن نعقد صفقة ..
أحبها لمدة عامين مقابل أن أعرفها على شخص تخونني معه!
سألتها عن مقابل آخر غير الجنس..
فأعطتني رزمة دولارات و"هناك الكثير غيرها"..
سألتني: "و هل ستجد لي من سأخونه معك؟"
أجبت : ما أكثر اللاهثين خلف فروج الإناث!
قالت: أحبك!
قلت: أحبك!
واتفقنا ..
..............
ناديت على الكتاب والمفكرين القابعين في عقلي ليبدأوا تسجيل تلك المرحلة الجديدة التي سأعيشها ..
هي تعتقد أني سأتبعها ..
وأنا سأستمتع بممارسة دور الساذج ..
وأراهن على أن تكون تلك هي أول سيسة في تاريخ "الولدان السيس المخلدون"
********
أخذتها بالمعلقة , ووضعتها في طبق ..
أردت أن أقبلها قبلة الحياة , أو أن أضغط على قلبها لأنعشه ..
لكني خفت من أن تسئ فهمي في الأولى فتخجل , وفي الثانية فتموت ..
هذا إذا لم تكن ماتت.
إياكم والزنى بالحشرات!
ربما هي تعبد إلهاً من الذباب يحرم عليها أن يقبِّلها بشري ..
لكن الأكيد أن آلهة الحشرات والحيوانات لن تقل سذاجة عن آلهة البشر ..
أمسك شوكة الطعام ..
أوخزها أكثر من مرة ..
تحركت!
أرجلها أولاً ..
ثم أجنحتها بعد ذلك ..
كادت تطير .....
فقتلتها!
.
(لن يتبع).
..............

هناك ٤ تعليقات:

غير معرف يقول...

الله يهديك ويهدي جميع المسلمين اللهم آمين

خالد خاطر يقول...

لا اله الا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين

اللهم أرنا الحق حقاً وأرزقنا اتباعه
أسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلك عبرة للملحدين بأن يهديك ويردّك الى الحق

زاهوف يقول...

أنت رائع يا صديقى !!

كيرا يقول...

كيب ات أب